الثلاثاء، 28 أبريل 2009

محمد نجيب

محمد نجيب (1901 - 1984) سياسي و عسكري مصري هو أول رئيس في أول نظام جمهوري مصري (1953 - 1954)، لم يستمر في سدة الحكم سوى فترة قليلة بعد إعلان الجمهورية (يونيو 1953 - نوفمبر 1954) حتى عزله مجلس قيادة الثورة ووضعه تحت الإقامة الجبرية بقصر الأميرة نعمة بضاحية المرج شرق القاهرة. بعيداً عن الحياة السياسية لمدة 22 سنة. وكان اللواء أركان حرب محمد نجيب هو أول حاكم مصري يحكم مصر حكماً جمهورياً بعد أن كان ملكياً بعد قيادته ثورة 23 يوليو الذي انتهت بخلع الملك فاروق. أعلن مباديء الثورة الستة وحدد الملكية الزراعية. وكان له شخصيته وشعبيته المحببة في صفوف الجيش المصرى والشعب المصري. حتي قبل الثورة لدوره البطولي في حرب فلسطين .
محتويات[إخفاء]
1 نشأته
2 حياته
3 حرب 1948
4 نجيب والضباط الأحرار
5 انتخابات نادي الضباط
6 نجيب سر نجاح ثورة يوليو
7 خلافة مع ضباط مجلس قيادة الثورة
8 استقالة فبراير 1954
9 أزمة مارس 1954
10 نجيب في معتقل المرج
11 تربية القطط والكلاب
12 وفاته
13 مؤلفاته
14 مصادر
15 مقالات خارجية
//

[عدل] نشأته
ولد بالسودان بقرية النحارية بمركز كفر الزيات محافظة الغربية , من أب مصري وأم مصرية ، أسمه بالكامل محمد نجيب يوسف نجيب قطب قشلان, يوجد تضارب حول تاريخ ميلاده، حيث أن التاريخ الرسمي لدى التسنين الذي قام به الجيش هو 19 فبراير 1901، وعادة لا يكون دقيقا، أما في مذكراته، فقد ذكر أن أحد كبار عائلته قال له أنه ولد قبل أحد أقربائه بأربعين يوما، وبالحساب وجد أن تاريخه ميلاده هو السابع من يوليو 1902. بدأ والده يوسف نجيب حياته مزارعا في قريته ثم التحق بالمدرسة الحربية وتفوق فيها, وبعد تخرجه شارك في حملات استرجاع السودان 1898, تزوج يوسف نجيب من سودانية وأنجب منها ابنه الأول عباس لكنها توفيت, فتزوج من السيدة "زهرة" ابنة الأميرالاي محمد بك عثمان في عام 1900, والأميرالاي محمد هو ضابط مصري تعيش أسرته في أم درمان واستشهد في أحدي المعارك ضد الثورة المهدية, وقد أنجب يوسف من السيدة زهرة ثلاثة أبناء هم محمد نجيب و علي نجيب ومحمود نجيب, وأنجب أيضا ستة بنات . عندما بلغ محمد نجيب 13 عاما توفي والده, تاركا وراءه أسرة مكونة من عشرة أفراد , فأحس نجيب بالمسئولية مبكرا , ولم يكن أمامه إلا الاجتهاد في كلية جوردن حتي يتخرج سريعا .

[عدل] حياته
عُرف عن محمد نجيب منذ صغره باعتزازه بنفسه وحبه لوطنه, يقول نجيب : " كنت طالبا في السنة الثانية بالكلية 1914 وجاء المستر سمبسون , مدرس اللغة الانجليزية , ليملي علينا قطعة إملاء جاء فيها : أن مصر يحكمها البريطانيون , فلم يعجبني ذلك .. وتوقفت عن الكتابة .. ونهضت واقفا ..وقلت له : لا يا سيدي ..مصر تحتلها بريطانيا فقط ولكنها مستقلة داخليا وتابعه لتركيا.. فثار المدرس الانجليزي وغضب وأصر علي أن اذهب أمامه إلي مكتبه وأمر بجلدي عشر جلدات علي ظهري واستسلمت للعقوبة المؤلمة دون أن أتحرك أو أفتح فمي"
بعد أن تخرج محمد نجيب في الكلية التحق بمعهد الأبحاث الاستوائية لكي يتدرب علي الآلة الكاتبة تمهيدا للعمل كمترجم براتب ثلاثة جنيهات شهريا, وبعد التخرج لم يقتنع نجيب بما حققه وأصر علي دخول الكلية الحربية في القاهرة .
بالفعل التحق محمد نجيب بالكلية الحربية ونجح فيها بتفوق, وعلي الفور سافر إلي الخرطوم والتحق بذات الكتيبة المصرية التي كان يعمل بها والده ليبدأ حياته كضابط في الجيش المصري . كان ذلك في 19 فبراير 1918, وكان عمره وقتها 17 عاما فقط, ومع قيام ثورة 1919 يصر نجيب علي المشاركة فيها علي الرغم من مخالفة ذلك لقواعد الجيش, فيسافر إلي القاهرة ويجلس علي سلالم بيت الأمة حاملا علم مصر وبجواره مجموعة من الضباط الصغار .
اكتشف أنه لا يعدو كونه خادماً مطيعاً لأوامر الاحتلال البريطاني، ولذا آل على نفسه أن يكمل دراسته بمجهوده الفردي حتى حصل على البكالوريا. حاول الخروج من حياته العسكرية بالتحاقة بمدرسة البوليس، وفيها تعلم القانون واحتك بمختلف فئات الشعب المصري، لكنه قرر العودة إلى صفوف الجيش مرة أخرى.عاد بعدها إلى السودان، وهناك عمد إلى دراسة العلاقة ما بين مصر والسودان، وألف كتاباً تناول فيه مشكلات السودان وعلاقتها بمصر.تم نقله بعدها إلى الحرس الملكي، وحصل بعدها على ليسانس الحقوق، ثم تزوج بعدها وانجب ثلاثة أبناء علي و فاروق و يوسف .
في عام 1927 كان محمد نجيب أول ضابط في الجيش المصري يحصل على ليسانس الحقوق، وفي عام 1929 تعلم محمد نجيب درسا من النحاس باشا, فقد أصدر الملك فؤاد قراره بحل البرلمان -لأن أغلبية أعضائه كانوا من حزب الوفد الذي كان دائم الاصطدام بالملك- فتخفى محمد نجيب في ملابس خادم نوبي، وقفز فوق سطح منزل مصطفى النحاس باشا، وعرض عليه تدخل الجيش لإجبار الملك على احترام رأي الشعب، لكن النحاس قال له : أنأ أفضل أن يكون الجيش بعيدا عن السياسة, ,أن تكون الأمة هي مصدر السلطات,,,كان درسا هاما تعلم من خلاله محمد نجيب الكثير حول ضرورة فصل السلطات واحترام الحياة النيابية الديمقراطية، وهو الدرس الذي أراد تطبيقه بعد ذلك عام 1954 .
وعقب حادث 4 فبراير 1942 وهو الحادث الذي حاصرت خلاله الدبابات البريطانية قصر الملك فاروق لإجباره على إعادة مصطفى النحاس باشا إلى رئاسة الوزراء أو أن يتنازل عن العرش .
غضب محمد نجيب وكان وقتها برتبة صاغ (رائد) وذهب إلى حد تقديم استقالته احتجاجا وغضبا لانه لم يتمكن من حماية ملكه الذي اقسم له يمين الولاء. وقد شكر المسؤولون في قصر عابدين مشاعره ورفضوا تسلم استقالة .

[عدل] حرب 1948
تعد حرب 1948 بين الجيش العربي والإسرائيلي بداية معرفة محمد نجيب علي المستوي الشعبي , وعلي مستوي الجيش المصري, أصيب نجيب في هذه الحرب 7 مرات لم يسجل منها سوي ثلاثة إصابات خطيرة , وأخطرها الإصابة الثالثة الأخيرة في معركة التبة 86 حيث أصيب نجيب برصاصات أثناء محاولته إنقاذ أحد جنوده الذي كانت قد تعطلت دباباته, كانت الإصابة شديدة حيث استقرت علي بعد عدة سنتيمترات من قلبه, وحينما اختبأ نجيب خلف شجرة وجد الدم يتفجر من صدره , وكتب نجيب وصيه لأولاده قال فيها " تذكروا يا أبنائي أن أبيكم مات بشرف ..وكانت رغبته الأخيرة أن ينتقم من الهزيمة في فلسطين ويجاهد لوحدة وادي النيل"
وعندما تم نقل نجيب إلي المستشفي اعتقد الأطباء أنه استشهد, ودخل اليوزباشي صلاح شقيق البطل أحمد عبد العزيز لإلقاء نظرة الوادع علي جسد الشهيد فنزع الغطاء وسقطت دمعة علي وجه نجيب وتحققت المعجزة فقد تحركت عيناه فجأة فأدرك الأطباء أنه لا يزال علي قيد الحياة وأسرعوا بإسعافه, وحصل نجيب علي نجمة فؤاد العسكرية الأولي تقديرا لشجاعته في هذه الحرب فقد كان أول ضابط مصري يقود ما يربو علي الفيلق .

[عدل] نجيب والضباط الأحرار
بعد الحرب عاد نجيب إلي القاهرة قائدا لمدرسة الضباط العظام, وتيقن أن العدو الرئيسي ليس في فلسطين وإنما الفساد الذي ينخر كالسوس في مصر والذي كان يتمثل في الملك وكبار الضباط والحاشية والإقطاع, وكان نجيب يردد دائما أن المعركة الحقيقة في مصر وليست في فلسطين , و لا يتردد أن يقول هذا الكلام أمام من يثق فيهم من الضباط, وفي فترة من الفترات كان الصاغ عبد الحكيم عامر أركان حرب للواء نجيب, ويبدو أن كلام نجيب عن الفساد في القاهرة قد أثر فيه فذهب إلي صديقه عبد الناصر وقال له كما روي عامر لنجيب بعد ذلك : لقد عثرت في اللواء نجيب علي كنز عظيم .
كان عبد الناصر قد شكل تنظيم الضباط الأحرار, وأراد أن يقود التنظيم أحد الضباط الكبار لكي يحصل التنظيم علي تأييد باقي الضباط, وبالفعل عرض عبد الناصر الأمر علي نجيب فوافق علي الفور ... ونسجل هنا شهادة ثروت عكاشة – أحد الضباط الأحرار- عن نجيب كما جاءت في كتابه "مذكراتي بين السياسة والثقافة": " كان اللواء محمد نجيب رحمه الله أحد قادة الجيش المرموقين لأسباب ثلاثة : أولها أخلاقياته الرفيعة, وثانيها ثقافته الواسعة فهو حاصل علي ليسانس الحقوق , وخريج كلية أركان الحرب ويجيد أكثر من لغة ويلم باللغة العبرية , وثالثها شجاعته في حرب فلسطين التي ضرب فيها القدوة لغيره وظفر بإعجاب الضباط كافة في ميدان القتال"
كان اختيار تنظيم الضباط الأحرار سر نجاح التنظيم داخل الجيش, فكان ضباط التنظيم حينما يعرضون علي باقي ضباط الجيش الانضمام إلي الحركة كانوا يسألون من القائد , وعندما يعرفوا أنه نجيب يسارعون بالانضمام .

[عدل] انتخابات نادي الضباط
انتخابات نادي الضباط كانت هي الخطوة الفعالة الأولي في طريق ثورة يوليو.. فقبل انتخابات النادي كانت اللجنة التنفيذية لتنظيم الضباط الأحرار تعتقد أنه ليس من الممكن القيام بالثورة قبل عام 1955... لكن بعد الانتخابات أحس الضباط بمدي قوتهم .. رشح نجيب نفسه رئيسا لمجلس إدارة النادي لجس نبض الجيش واختبار مدي قوة الضباط الأحرار وتحديا للملك... وقبل الملك التحدي ..ورشح حسين سري عامر .. كانت الانتخابات أول اختبار حقيقي لشعبية اللواء محمد نجيب داخل الجيش..
ومع طلوع فجر اليوم الأول من يناير 1952 أعُلنت النتيجة وحصل نجيب علي أغلبية ساحقة شبة جماعية ولم يحصل منافسيه سوي علي 58 صوتا فقط, كانت النتيجة صدمة شديدة للملك فقرر حل مجلس إدارة النادي .
وأدرك الملك الشعبية الطاغية لنجيب وسط الضباط، فرشحه وزيرا للحربية قبيل الثورة بأيام؛ في محاولة لامتصاص غضب الضباط، لكن يبدو أنها محاولة تأخرت كثيرا فقد دارت عجلة الأحداث سريعا لتشهد مصر ميلاد عهد جديد صباح 23 يوليو 1952

[عدل] نجيب سر نجاح ثورة يوليو
في ليلة لن ينساها تاريخ مصر والمنطقة, وقع في القاهرة حدث غير تاريخنا جميعا ومازلنا نشهد آثاره إلى اليوم ، إنها ليلة 23 يوليو حينما خرج الجيش من ثكناته معلنا غضبه عما يحدث في البلاد .. وتصدرت صورة اللواء محمد نجيب الصفحة الأولي لجريدة "المصري" وفوقها مانشيت: اللواء نجيب يقوم بحركة تطهيرية في الجيش .
كانت ثورة يوليو في بدايتها حركة , مجرد حركة عسكرية, لكنها لاقت قبول الشعب المصري واستقبلتها الجماهير بحفاوة بالغة وأطلقت عليها "ثورة".. فقد كان قائدها رجل شهد له الكل بالشجاعة وكان نجيب سر نجاح الثورة.. فقد كان برتبة لواء ..أما باقي الضباط الأحرار فلم يتجاوز أكبرهم رتبة بكباشي... وبفضل نجيب تحولت الحركة إلي ثورة ، وإذا كان قد قدر لثورة يوليو أن تفشل لكان جزاء محمد نجيب الإعدام رميا بالرصاص طبقا لتقاليد الجيش .
في ليلة 23 يوليو لعب نجيب أخطر دور في نجاح الحركة, فقد انكشف سر الثورة الساعة 9:30 مساءا , وعرف نجيب أن مؤتمرا لرئيس الأركان سيعقد في الساعة العاشرة في مقر القيادة لترتيب القبض علي الضباط الأحرار , فقام اللواء محمد نجيب علي الفور بإبلاغ يوسف صديق بالتحرك قبل ساعة الصفر بساعة , وبالفعل تحرك البطل يوسف صديق ونجح في اقتحام مركز القيادة .. ولولا هذا التحرك لفشلت الثورة ولقضي عليها قبل أن تبدأ .
بالرغم من خطورة الدور الذي قام به اللواء محمد نجيب في نجاح الثورة إلا أن البعض حاول أن يقلل من دوره ..وحاولوا أن يصوروا انه لم يكن له علم بالثورة وإنما هو "ركب الموجة" والبعض حاول ادعاء أن الضباط الأحرار استخدموا نجيب مجرد واجهة لإنجاح الثورة .. بل وصل الأمر ببعضهم أن يدعي أن نجيب يوم الثورة كان مريضا في منزله وليس في ذهنه شئ عن أيه ثورة .. وربما كان أمله الوحيد في شهر يوليو أن يغادر فراشه إلي عمله في سلاح الفرسان, حتي استيقظ نجيب علي تليفون من الضباط الأحرار يقولون له : تفضل لقد قمنا بثورة واخترناك زعيما لها ... وقد نتعجب حينما نعلم أن قائل هذا الكلام هو أنور السادات في كتابه "قصة الثورة كاملة" والذي كتبه في عهد عبد الناصر .

[عدل] خلافة مع ضباط مجلس قيادة الثورة

الرئيس الراحل محمد نجيب في الوسط
بمرور عام على قيام الثورة تركزت كل الأضواء علي اللواء نجيب باعتباره الرجل الذي قاد الثورة وطرد الملك وأنقذ مصر من عهد الظلم والطغيان وأصبح أمل البلاد في تخليصها من الاستعمار البريطاني الجاثم علي صدرها منذ 1882... كانت صور نجيب وخطبه تتصدر الصفحات الأولي من الجرائد والمجلات المصرية والعربية والأجنبية .. ومع نجاح الثورة حاول بعض الضباط أن ينسبوا لأنفسهم دورا لم يقوموا به .
وبعد فترة ليست بالقصيرة بدأ بعض الضباط يحاولون أن يجنوا ثمار نجاح الحركة ولو علي حساب المبادئ والأخلاق,, حتي شاع بين الناس أن الثورة طردت ملك وجاءت بثلاثة عشر ملك.. يقول نجيب في كتابه "كنت رئيسا لمصر" : لقد خرج الجيش من الثكنات ... وانتشر في كل المصالح والوزارات المدنية فوقعت الكارثة التي لا نزال نعاني منها إلي الآن في مصر,, كان كل ضابط من ضباط القيادة يريد أن يكون قويا ..فأصبح لكل منهم "شلة" وكانت هذه الشلة غالبا من المنافقين الذين لم يلعبوا دورا لا في التحضير للثورة ولا في القيام بها".
لاحظ نجيب بعض السلوكيات الخاطئة التي يرتكبها بعض الضباط في حق الثورة وفي حق الشعب الذي وثق بهم . فكان أول شئ فعله ضباط القيادة أنهم غيروا سياراتهم الجيب وركبوا سيارات الصالون الفاخرة, وترك أحدهم شقته المتواضعة واستولي علي قصر من قصور الأمراء حتي يكون قريبا من أحدي الأميرات التي كان قصرها قريبا من القصر الذي استولي عليه .. وصدمت هذه التصرفات باقي الضباط الأحرار الذين يتصفون بالمثالية فحمل بعضهم هذه الفضائح وواجهوا بها ضباط القيادة .. لكنهم سمعوهم وقرروا التخلص منهم مثلما حدث مع ضباط المدفعية .
كان أول خلاف بين نجيب وضباط القيادة حول محكمة الثورة التي تشكلت لمحاكمة زعماء العهد الملكي , ثم حدث خلاف ثاني بعد صدور نشرة باعتقال بعض الزعماء السياسيين وكان من بينهم مصطفي النحاس , فرفض نجيب اعتقال النحاس باشا, لكنه فوجئ بعد توقيع الكشف بإضافة اسم النحاس, وأصدرت محكمة الثورة قرارات ضاعفت من كراهية الناس للثورة منها مصدرة 322 فدانا من أملاك زينب الوكيل حرم النحاس باشا, كما حكمت علي أربعة من الصحفيين بالمؤبد وبمصادرة صحفهم بتهمة إفساد الحياة السياسية .
ويضاف إلي هذه القرارات قرارات أخري صدرت رغم أن نجيب رفض التوقيع عليها منها القرار الجمهوري بسحب الجنسية المصرية من ستة من المصريين من الأخوان المسلمين, وزاد الصدام بين نجيب مجلس القيادة عندما اكتشف أنهم ينقلون الضباط دون مشورته , ورفض زكريا محي الدين أن يؤدي اليمين الدستورية أمام نجيب بعد تعيينه وزيرا للداخلية وكذلك رفض جمال سالم كل هذه الأمور دفعت نجيب لكي يفكر قويا في تقديم استقالته .

[عدل] استقالة فبراير 1954
"بسم الله الرحمن الرحيم"
السادة أعضاء مجلس قيادة الثورة ..
بعد تقديم وافر الاحترام , يحزنني أن أعلن لأسباب لا يمكنني أن أذكرها الآن أنني لا يمكن أن أتحمل من الآن مسئوليتي في الحكم بالصورة المناسبة التي ترتضيها المصالح القومية ..
ولذلك فإني أطلب قبول استقالتي من المهام التي أشغلها, وأني إذ أشكركم علي تعاونكم معي أسأل الله القدير أن يوفقنا إلي خدمه بلدنا بروح التعاون والأخوة"
بهذه العبارات المختصرة قدم نجيب استقالته في 22 فبراير 1954 ..وفي 25 فبراير أصدر مجلس القيادة بيان أقاله نجيب , وحاول البيان الانتقاص من دور نجيب وتشويه صورته أمام الجماهير فقد أكد البيان أن نجيب طلب سلطات أكبر من سلطات أعضاء المجلس وأن يكون له حق الاعتراض علي قرارات المجلس حتي ولو كانت هذه القرارات قد أخذت بالإجماع , وادعي البيان أنه اختير قائدا للثورة قبل قيامها بشهرين , وانه علم بقيام الثورة ليلة 23 يوليو من مكالمة تليفونية من وزير الداخلية فتحرك إلي مبني القيادة وهناك تقابل مع عبد الناصر الذي وافق علي ضمه وتنازل له عن رئاسة المجلس .
اتخذ ضباط مجلس القيادة هذا القرار وكلهم ثقة في أنهم قد نجحوا في مخططهم بإزاحة نجيب, المخطط الذي بدأ بإعلان الجمهورية حتي يكون نجيب رئيسا رمزيا لها في حين يستحوذ ضباط مجلس القيادة علي مجلس الوزراء , وكان من ضمن المخطط إبعاد نجيب عن الجيش عن طريق تعيين الصاغ عبدالحكيم عامر قائدا عاما للجيش وبالتالي تستحوذ ضباط مجلس القيادة علي السلطة المدنية والعسكرية.
وتصور مذكرات نجيب كيف أنه حينما أذيع بيان إقالته علي الملأ خرجت الجماهير تحتج عليه وانهالت البرقيات علي المجلس ودور الصحف ترفض الاستقالة .. واندلعت المظاهرات التلقائية في القاهرة والأقاليم لمدة ثلاثة أيام تؤيد نجيب وكانت الجماهير تهتف ( محمد نجيب أو الثورة ) وفي السودان اندلعت مظاهرات جارفة تهتف ( لا وحدة بلا نجيب ) , وانقسم الجيش بين مؤيد لعودة اللواء محمد نجيب وإقرار الحياة النيابية وبين المناصرين لمجلس قيادة الثورة .
وكان سلاح الفرسان أكثر أسلحة الجيش تعاطفا مع نجيب فهو سلاح ثروت عكاشة وخالد محي الدين وحسين الشافعي وجميعهم من مؤيدي عودة الديمقراطية , وأشرفت البلاد علي حرب أهلية وتداركا للموقف أصدر مجلس القيادة بيانا الساعة السادسة من مساء 27 فبراير 1954 جاء فيه " حفاظا علي وحدة الأمة يعلن مجلس قيادة الثورة عودة اللواء أركان حرب محمد نجيب رئيسا للجمهورية وقد وافق سيادته علي ذلك"... وهكذا عاد نجيب إلي الحكم علي أكتاف الجماهير التي خرجت في مظاهرات شعبية لم تعدها مصر من قبل .
بعد عودة نجيب علي أكتاف الجماهير كان باستطاعته أن يتخلص من ضباط القيادة الذين وجهوا له إساءات كثيرة وحاولوا أثناء الأزمة تشويه صورته أمام الشعب إلا أن نجيب عمل علي إزالة الخلاف بين أعضاء مجلس القيادة .
يقول اللواء جمال حماد المؤرخ العسكري أثناء ندوة كتاب "الأوراق السرية لمحمد نجيب " أي واحد كان يجي في هذا الموقف ويحرز هذا الانتصار الباهر... معاه سلاح الفرسان والشعب كله معاه ... ومع ذلك أنا رأيته بعيني ماسك أيديهم " أعضاء مجلس قيادة الثورة" ورفعها وقال "إحنا يد واحدة" ، وأن ضباط مجلس القيادة أرادوا التخلص منه في مارس بعد هدوء الأزمة !!

[عدل] أزمة مارس 1954
حينما يعاد كتابة تاريخ مصر , سوف يتوقف المؤرخون طويلا أمام أخطر أزمة في تاريخ مصر الحديثة , فقد حددت هذه الأزمة تاريخ مصر إلي الآن, فلم تكن أزمة مارس مجرد صراع علني علي السلطة بين أنصار اللواء محمد نجيب وأنصار البكباشي جمال عبد الناصر بل كانت الأزمة أكثر عمقا, كانت صراعا بين اتجاهين مختلفين اتجاه يطالب بالديمقراطية والحياة النيابية السليمة تطبيقا للمبدأ السادس للثورة ( إقامة حياة ديمقراطية سليمة) , وكان الاتجاه الآخر يصر علي تكريس الحكم الفردي وإلغاء الأحزاب وفرض الرقابة علي الصحف .
كانت ضربة البداية في أزمة مارس من جانب اللواء محمد نجيب الذي بدء فور عودته إلي الحكم مشاوراته مع مجلس القيادة للتعجيل بعودة الحياة البرلمانية, وفي ليلة 5 مارس صدرت قرارات ركزت على ضرورة عقد جمعية لمناقشة الدستور الجديد وإقراره ، وإلغاء الأحكام العرفية والرقابة على الصحف والإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين .
" كانت هذه القرارات في صالح عودة الحياة الديمقراطية , وهنا أدرك الفريق المناوئ للواء نجيب أن كل الخطط التي أعدت للإطاحة به مهددة بالفشل, فبدأ يدبر مخططات أخري من شأنها الالتفاف علي قرارات 5 مارس والعودة إلي الحكم الفردي.
وفي 25 مارس 1954 اجتمع مجلس قيادة الثورة كاملا وانتهي الاجتماع إلي إصدار القرارات التالية : السماح بقيام الأحزاب ، مجلس قيادة الثورة لا يؤلف حزبا، لا حرمان من الحقوق السياسية حتي لا يكون هناك تأثير علي الانتخابات، تنتخب الجمعية التأسيسية انتخابا حرا مباشرا بدون تعيين أي فرد وتكون لها سلطة البرلمان كاملة والانتخابات حرة، حل مجلس الثورة في 24 يوليو المقبل باعتبار الثورة قد انتهت وتسلم البلاد لممثلي الأمة، تنتخب الجمعية التأسيسية رئيس الجمهورية بمجرد انعقادها .
يقول نجيب في كتابه "كنت رئيسا لمصر" : "كانت هذه القرارات في ظاهرها ديمقراطية وفي باطنها فتنة وتوتر, فقد أثارت الناس الذين لم يرق لهم أن تعود الأحزاب القديمة بكل ما توحي من فساد وتاريخ اسود, وبكل ما توحي لهم بنهاية الثورة التي عقدوا عليها كل آمالهم في التطهر والخلاص, وأثارت هذه القرارات ضباط الجيش الذين أحسوا أن نصيبهم من النفوذ والسلطة والمميزات الخاصة قد انتهي"
ووفق نفس الكتاب فقد ضاعف من قلة حيلة اللواء نجيب انشغاله مع الملك سعود الذي كان يزور مصر وقتها , بينما كان معارضوه يدبرون لتوجيه الضربة القاضية إلي اللواء نجيب، فنشرت الصحف الموالية لعبد الناصر أن هناك اتصالات سرية بين اللواء نجيب والوفد , وفي نفس الوقت عقد عبد الناصر اتفاقا مع الأخوان المسلمين لكي يتخلصوا من الأحزاب السياسية ويخلو الجو للطرفان.. ووافق الأخوان وكان هذا خطأ استراتيجيا , وفي يوم 28 مارس 1954 خرجت أغرب مظاهرات في التاريخ تهتف بسقوط الديمقراطية والأحزاب والرجعية,و دارت المظاهرات حول البرلمان والقصر الجمهوري ومجلس الدولة وكررت هتافاتها ومنها " لا أحزاب ولا برلمان", ووصلت الخطة السوداء ذروتها, عندما اشترت مجموعة عبد الناصر صاوي أحمد صاوي رئيس اتحاد عمال النقل ودفعوهم إلي عمل إضراب يشل الحياة وحركة المواصلات, وشاركهم فيها عدد كبير من النقابات العمالية وخرج المتظاهرون يهتفون" تسقط الديمقراطية..تسقط الحرية", وقد اعترف الصاوي بأنه حصل علي مبلغ 4 آلف جنية مقابل تدبير هذه المظاهرات .
كسب عبد الناصر ورفاقه المعركة مع نجيب وصدرت قرارات جديدة تلغي قرارات 25 مارس , وفي 26 أكتوبر وقعت حادثة المنشية والتي اتهم فيها الأخوان بمحاولة التخلص من عبد الناصر ليتم بعدها القبض علي قيادات الجماعة والزج بهم في السجن لينفرد جمال بالحكم .

[عدل] نجيب في معتقل المرج
انهزم نجيب في معركة مارس 1954 والواقع أنها لم تكن خسارة نجيب فقط وإنما كانت خسارة لمسيرة الديمقراطية في وادي النيل, أصر نجيب علي الاستقالة لكن عبد الناصر عارض بشدة استقالة نجيب خشية أن تندلع مظاهرات مثلما حدث في فبراير 1954 , ووافق نجيب علي الاستمرار انقاذا للبلاد من الحرب الأهلية ومحاولة إتمام الوحدة مع السودان .
يوم 14 نوفمبر 1954 لم يكن يوما عاديا في حياة نجيب , في هذا اليوم توجه نجيب لمكتبه بقصر عابدين وجاءه عبد الحكيم عامر وقال له في خجل " أن مجلس قيادة الثورة قرر إعفاءكم من منصب رئاسة الجمهورية "فرد عليهم نجيب في شجاعة "أنا لا أستقيل الآن لأني بذلك سأصبح مسئولا عن ضياع السودان أما أذا كان الأمر إقالة فمرحبا" .. وأقسم اللواء عبد الحكيم عامر لنجيب أن إقامته في فيلا زينب الوكيل لن تزيد عن بضعة أيام ليعود بعدها إلي بيته, لكنه لم يخرج من الفيلا طوال 30 عاما .
خرج نجيب من مكتبه في هدوء وصمت حاملا المصحف الشريف مع حسن إبراهيم في سيارة إلي معتقل المرج . وحزن علي الطريقة التي خرج بها فلم تؤدي له التحية العسكرية ولم يطلق البروجي لتحيته , وقارن اللواء نجيب بين وداعه للملك الذي أطلق له 21 طلقة وبين طريقة وداعه .
فعندما وصل إلي فيلا زينب الوكيل بضاحية المرج بدأ يذوق من ألوان العذاب مما لا يستطيع أن يوصف, فقد سارع الضباط والعساكر بقطف ثمار البرتقال واليوسفي من الحديقة .. وحملوا من داخل الفيلا كل ما بها من أثاث وسجاجيد ولوحات وتحف وتركوها عارية الأرض والجدران, وكما صادروا أثاث فيلا زينب الوكيل صادروا أوراق اللواء نجيب وتحفه ونياشينه ونقوده التي كانت في بيته.. ومنعه تماماً من الخروج أو من مقابلة أياً من كان حتى عائلته .
أصبح نجيب سجينا في فيلا المرج , وأقيمت حول الفيلا حراسة مشددة , كان علي من في البيت ألا يخرج منه من الغروب إلي الشروق , وكان عليهم أن يغلقوا النوافذ في عز الصيف تجنبا للصداع الذي يسببه الجنود , اعتاد الجنود أن يطلقوا الرصاص في منتصف الليل وفي الفجر , كانوا يؤخرون عربة نقل الأولاد إلي المدرسة فيصلون إليهم متأخرين ولا تصل العربة إليهم في المدرسة إلا بعد مدة طويلة من انصراف كل من المدرسة فيعودون إلي المنزل مرهقين غير قادرين علي المذاكرة .
أثناء‏ ‏العدوان‏ ‏الثلاثي‏ ‏علي‏ ‏مصر عام ‏1956‏ تم نقله ‏من‏ ‏معتقل‏ ‏المرج‏ ‏إلي‏ ‏صعيد‏ ‏مصر‏ ‏وقيل‏ ‏إنه‏ ‏كان‏ ‏من‏ ‏المقرر‏ ‏قتله‏ ‏في‏ ‏حاله‏ ‏دخول‏ ‏الإنجليز‏ ‏القاهرة‏ ‏‏‏وذلك‏ ‏بعد‏ ‏أن‏ ‏سرت‏ ‏إشاعه‏ ‏قوية‏ ‏تقول‏ ‏إن‏ ‏إنجلترا‏ ‏ستسقط‏ ‏بعض‏ ‏جنود‏ ‏المظلات‏ ‏علي‏ ‏فيلا زينب‏ ‏الوكيل في‏ ‏المرج‏ ‏لاختطاف‏ ‏محمد نجيب‏ ‏وإعادة‏ ‏فرضه‏ ‏رئيسا‏ ‏للجمهورية‏ ‏من‏ ‏جديد‏ ‏بدلا‏ ‏من‏ ‏الرئيس‏ ‏جمال‏ ‏عبد‏ ‏الناصر ولكن بعد فشل العدوان تم إعادته الى معتقل المرج .
وأثناء نكسة 1967 ارسل برقية للرئيس جمال عبد الناصر يطلب منه السماح له بالخروج في صفوف الجيش بأسم مستعار الا انه لم يتلق أى رد منه. وظل علي هذا الحال حتي تم إطلاق سراحه بواسطة الرئيس السادات في عام 1974م عقب الإنتصار الذي تحقق في حرب أكتوبر 1973. ورغم هذا ظل السادات يتجاهله تماما كما تجاهله باقي أعضاء مجلس قيادة الثورة .
بتاريخ 21 / 4 / 1983 وفي عهد الرئيس حسني مبارك، تقرر تخصيص فيلا في حي القبة بمنطقة قصر القبة بالقاهرة لإقامة نجيب، بعدما صار مهدداً بالطرد من قصر زينب الوكيل نتيجة لحكم المحكمة لمصلحة ورثتها الذين كانوا يطالبون بالقصر، وهو القصر الذي عاش فيه لمدة 29 سنة منها 17 سنة وهو معتقل .

[عدل] تربية القطط والكلاب
كانت سلوى نجيب طوال سنوات الإقامة الجبرية في المرج تربية القطط والكلاب .. واعتبر القطط والكلاب أكثر وفاءا من البشر واحتفظ نجيب بصورة نادرة لكلبه ترقد علي جنبها وترضع منها قطة فقدت أمها,, وهذه الصورة كما قال نجيب دليل علي أن الحيوانات أكثر ليونة ورقة في التخلص من شراستها من البشر .
وحينما توفي أحد كلابه دفنه في الحديقة وكتب علي شاهد القبر : هنا يرقد أعز أصدقائي, , فقد اكتوي نجيب من الثورة بينما لم يرتكب الرجل جريمة يستحق عليها أن يعامل بمثل هذه المعاملة, وكثيرا ما كان يردد : ماذا جنيت لكي يفعلوا بي كل هذا ؟.

[عدل] وفاته
المشهد الأخير للواء محمد نجيب شهدته أروقة مستشفى المعادي العسكري بالقاهرة، حيث لم يكن يعاني من أمراض خطيرة، لكنها كانت أمراض الشيخوخة. وعن اليوم الأخير، يقول ابن أخته اللواء حسن سالم: "كان يتحدث بشكل عادي ولكن ببطء وفجأة شعر بتعب ورفع يديه إلى السماء ثم أنزلهما ببطء ومال برأسه قليلا نحو الأرض واسلم الروح بسلام". رحل محمد نجيب بتاريخ 29 / 8 / 1984 وفي هدوء بعدما كتب مذكراته شملها كتابه المعنون: كنت رئيساً لمصر، في شهادته للتاريخ، ويُشهد له أن كتابه خلا من أي اتهام لأي ممن عزلوه .
وعلى الرغم من رغبة نجيب في وصيته أن يدفن في السودان، إلا أنه دفن في مصر في جنازة عسكرية مهيبة، وحمل جثمانه على عربة مدفع، وقد تقدم الجنازة الرئيس المصري حسني مبارك شخصيا وأعضاء مجلس قيادة الثورة الباقين على قيد الحياة لتطوى صفحة رجل قاد أهم نقطة تحول في تاريخ مصر الحديث .

[عدل] مؤلفاته
كنت رئيسا لمصر ( مذكرات محمد نجيب )

[عدل] مصادر
السيد حامد محمد نجيب.. حلم مصر الذي لم يكتمل
محمد حافظ بن إبراهيم فهمي المهندس المشهور باسم حافظ إبراهيم (ولد في ديروط بمحافظة أسيوط 24 فبراير 1872 - 21 يونيو 1932 م) شاعر مصري ذائع الصيت. عاشر أحمد شوقي ولقب بشاعر النيل وبشاعر الشعب.
محتويات[إخفاء]
1 حياته
2 شخصيته
3 أقوال عن حافظ إبراهيم
4 من أشعاره
5 وفاته
6 آثاره الادبية
7 مراجع
//

[عدل] حياته
ولد حافظ إبراهيم على متن سفينة كانت راسية على النيل أمام ديروط وهي مدينة بمحافظة أسيوط من أب مصري وأم تركية. توفي والداه وهو صغير. وقبل وفاتها، أتت به أمه إلى القاهرة حيث نشأ بها يتيما تحت كفالة خاله الذي كان ضيق الرزق حيث كان يعمل مهندسا في مصلحة التنظيم. ثم انتقل خاله إلى مدينة طنطا وهنالك أخذ حافظ يدرس في الكتاتيب. أحس حافظ إبراهيم بضيق خاله به مما أثر في نفسه، فرحل عنه وترك له رسالة كتب فيها:
ثقلت عليك مؤونتي
إني أراها واهية
فافرح فإني ذاهب
متوجه في داهية
بعد أن خرج حافظ إبراهيم من عند خاله هام على وجهه في طرقات مدنية طنطا حتى انتهى به الأمر إلى مكتب المحام محمد أبو شادي، أحد زعماء ثورة 1919، وهناك اطلع على كتب الأدب وأعجب بالشاعر محمود سامي البارودي. وبعد أن عمل بالمحاماة لفترة من الزمن، التحق حافظ إبراهيم بالمدرسة الحربية في عام 1888 م وتخرج منها في عام 1891 م ضابط برتبة ملازم ثان في الجيش المصري وعين في وزارة الداخلية. وفي عام 1896 م أرسل إلى السودان مع الحملة المصرية إلى أن الحياة لم تطب له هنالك، فثار مع بعض الضباط. نتيجة لذلك، أحيل حافظ على الاستيداع بمرتب ضئيل.

[عدل] شخصيته
كان حافظ إبراهيم إحدى أعاجيب زمانه، ليس فقط في جزالة شعره بل في قوة ذاكرته التى قاومت السنين ولم يصيبها الوهن والضعف على مر 60 سنة هى عمر حافظ إبراهيم، فإنها ولا عجب إتسعت لآلاف الآلاف من القصائد العربية القديمة والحديثة ومئات المطالعات والكتب وكان بإستطاعته – بشهادة أصدقائه – أن يقرأ كتاب أو ديوان شعر كامل في عده دقائق وبقراءة سريعة ثم بعد ذلك يتمثل ببعض فقرات هذا الكتاب أو أبيات ذاك الديوان. وروى عنه بعض أصدقائه أنه كان يسمع قارئ القرآن في بيت خاله يقرأ سورة الكهف أو مريم او طه فيحفظ ما يقوله ويؤديه كما سمعه بالروايه التى سمع القارئ يقرأ بها.
يعتبر شعره سجل الأحداث، إنما يسجلها بدماء قلبه وأجزاء روحه ويصوغ منها أدبا قيما يحث النفوس ويدفعها إلى النهضة، سواء أضحك في شعره أم بكى وأمل أم يئس، فقد كان يتربص كل حادث هام يعرض فيخلق منه موضوعا لشعره ويملؤه بما يجيش في صدره.
مع تلك الهبة الرائعة، فأن حافظ صابه - ومن فترة امتدت من 1911 إلى 1932 – داء اللامباله والكسل وعدم العناية بتنميه مخزونه الفكرى وبالرغم من إنه كان رئيساً للقسم الأدبى بدار الكتب إلا أنه لم يقرأ في هذه الفترة كتاباً واحداً من آلاف الكتب التى تذخر بها دار المعارف، الذى كان الوصول إليها يسير بالنسبه لحافظ، تقول بعض الآراء ان هذه الكتب المترامية الأطراف القت في سأم حافظ الملل، ومنهم من قال بأن نظر حافظ بدا بالذبول خلال فترة رئاسته لدار الكتب وخاف من المصير الذى لحق بالبارودى في أواخر أيامه.
كان حافظ إبراهيم رجل مرح وأبن نكتة وسريع البديهة يملأ المجلس ببشاشته و فكاهاته الطريفة التى لا تخطأ مرماها.
وأيضاً تروى عن حافظ أبراهيم مواقف غريبة مثل تبذيره الشديد للمال فكما قال العقاد ( مرتب سنة في يد حافظ إبراهيم يساوى مرتب شهر ) ومما يروى عن غرائب تبذيره أنه استأجر قطار كامل ليوصله بمفرده إلى حلوان حيث يسكن وذلك بعد مواعيد العمل الرسمية.
مثلما يختلف الشعراء في طريقة توصيل الفكرة أو الموضوع إلى المستمعين أو القراء، كان لحافظ إبراهيم طريقته الخاصة فهو لم يكن يتمتع بقدر كبير من الخيال ولكنه أستعاض عن ذلك بجزالة الجمل وتراكيب الكلمات وحسن الصياغة بالأضافة أن الجميع اتفقوا على انه كان أحسن خلق الله إنشاداً للشعر. ومن أروع المناسبات التى أنشد حافظ بك فيها شعره بكفاءة هى حفلة تكريم أحمد شوقى ومبايعته أميراً للشعر في دار الأوبرا الخديوية، وأيضاً القصيدة التى أنشدها ونظمها في الذكرى السنوية لرحيل مصطفى كامل التى خلبت الألباب وساعدها على ذلك الأداء المسرحى الذى قام به حافظ للتأثير في بعض الأبيات، ومما يبرهن ذلك ذلك المقال الذى نشرته إحدى الجرائد والذى تناول بكامله فن إنشاد الشعر عند حافظ. ومن الجدير بالذكر أن أحمد شوقى لم يلقى في حياته قصيدة على ملأ من الناس حيث كان الموقف يرهبه فيتلعثم عند الإلقاء.

[عدل] أقوال عن حافظ إبراهيم
حافظ كما يقول عنه خليل مطران "أشبه بالوعاء يتلقى الوحى من شعور الأمة وأحاسيسها ومؤثراتها في نفسه, فيمتزج ذلك كله بشعوره و إحساسه، فيأتى منه القول المؤثر المتدفق بالشعور الذى يحس كل مواطن أنه صدى لما في نفسه". ويقول عنه أيضاً "حافظ المحفوظ من أفصح أساليب العرب ينسج على منوالها ويتذوق نفائس مفرادتها وإعلاق حلالها." وأيضاً "يقع إليه ديوان فيتصفحه كله وحينما يظفر بجيده يستظهره، وكانت محفوظاته تعد بالألوف وكانت لا تزال ماثلة في ذهنه على كبر السن وطول العهد، بحيث لا يمترى إنسان في ان هذا الرجل كان من أعاجيب الزمان".
وقال عنه العقاد "مفطوراً بطبعه على إيثار الجزالة و الإعجاب بالصياغة والفحولة في العبارة."
كان أحمد شوقى يعتز بصداقه حافظ إبراهيم ويفضله على أصدقائه. و كان حافظ إبراهيم يرافقه في عديد من رحلاته وكان لشوقى أيادى بيضاء على حافظ فساهم في منحه لقب بك و حاول ان يوظفه في جريدة الأهرام ولكن فشلت هذه المحاولة لميول صاحب الأهرام - وكان حينذاك من لبنان - نحو الإنجليز وخشيته من المبعوث البريطانى اللورد كرومر.

[عدل] من أشعاره
سافر حافظ إبراهيم إلى سوريا، وعند زيارته للمجمع العلمي بدمشق قال هذين البيتين:
شكرت جميل صنعكم بدمعي
ودمع العين مقياس الشعور
لاول مرة قد ذاق جفني
- على ما ذاقه - دمع السرور
لاحظ الشاعر مدى ظلم المستعمر وتصرفه بخيرات بلاده فنظم قصيدة بعنوان الامتيازات الأجنبية‏، ومما جاء فيها:
سكتُّ فأصغروا أدبي
وقلت فاكبروا أربي
يقتلنا بلا قود
ولا دية ولا رهب
ويمشي نحو رايته
فنحميه من العطب
فقل للفاخرين: أما
لهذا الفخر من سبب؟
أروني بينكم رجلا
ركينا واضح الحسب
أروني نصف مخترع
أروني ربع محتسب؟
أروني ناديا حفلا
بأهل الفضل والأدب؟
وماذا في مدارسكم
من التعليم والكتب؟
وماذا في مساجدكم
من التبيان والخطب؟
وماذا في صحائفكم
سوى التمويه والكذب؟
حصائد ألسن جرّت
إلى الويلات والحرب
فهبوا من مراقدكم
فإن الوقت من ذهب
وله قصيدة عن لسان صديقه يرثي ولده، وقد جاء في مطلع قصيدته:
ولدي، قد طال سهدي ونحيبي
جئت أدعوك فهل أنت مجيبي؟
جئت أروي بدموعي مضجعا
فيه أودعت من الدنيا نصيبي
ويجيش حافظ إذ يحسب عهد الجاهلية أرفق حيث استخدم العلم للشر، وهنا يصور موقفه كإنسان بهذين البيتين ويقول:
ولقد حسبت العلم فينا نعمة
تأسو الضعيف ورحمة تتدفق
فإذا بنعمته بلاء مرهق
وإذا برحمته قضاء مطبق
ومن شعره أيضاً:
كم مر بي فيك عيش لست أذكره
ومر بي فيك عيش لست أنساه
ودعت فيك بقايا ما علقت‏ به
من الشباب وما ودعت ذكراه
أهفو إليه على ما أقرحت كبدي
من التباريج أولاه وأخراه
لبسته ودموع العين طيعة
والنفس جياشة والقلب أواه
فكان عوني على وجد أكابده
ومر عيش على العلات ألقاه
إن خان ودي صديق كنت أصحبه
أو خان عهدي حبيب كنت أهواه
قد أرخص الدمع ينبوع الغناء به
وا لهفتي ونضوب الشيب أغلاه
كم روح الدمع عن قلبي وكم غسلت
منه السوابق حزنا في حناياه
قالوا تحررت من قيد الملاح فعش
حرا ففي الأسر ذلّ كنت تأباه
فقلت‏ يا ليته دامت صرامته
ما كان أرفقه عندي وأحناه
بدلت منه بقيد لست أفلته
وكيف أفلت قيدا صاغه الله
أسرى الصبابة أحياء وإن جهدوا
أما المشيب ففي الأموات أسراه
وقال:
والمال إن لم تدخره محصنا
بالعلم كان نهاية الإملاق
والعلم إن لم تكتنفه شمائل
تعليه كان مطية الإخفاق
لا تحسبن العلم ينفع وحده
ما لم يتوج ربه بخلاق
من لي بتربية النساء فإنها
في الشرق علة ذلك الإخفاق
الأم مدرسة إذا أعددتها
أعددت شعبا طيب الأعراق
الأم روض إن تعهده الحيا
بالريّ أورق أيما إيراق
الأم أستاذ الأساتذة الألى
شغلت مآثرهم مدى الآفاق
أنا لا أقول دعوا النساء سوافراً
بين الرجال يجلن في الأسواق
يدرجن حيث أرَدن لا من وازع
يحذرن رقبته ولا من واقي
يفعلن أفعال الرجال لواهيا
عن واجبات نواعس الأحداق
في دورهن شؤونهن كثيرة
كشؤون رب السيف والمزراق
تتشكّل الأزمان في أدوارها
دولاً وهن على الجمود بواقي
فتوسطوا في الحالتين وأنصفوا
فالشرّ في التّقييد والإطلاق
ربوا البنات على الفضيلة إنها
في الموقفين لهنّ خير وثاق
وعليكمُ أن تستبين بناتكم
نور الهدى وعلى الحياء الباقي
وقال في الصد عن اللغة العربية ونسيان أمرها:
رجعت لنفسي فاتهمت حصاتي
وناديت قومي فاحتسبت حياتي
رموني بعقم في الشباب وليتني
عقمت فلم أجزع لقول عداتي
ولدت ولما أجد لعرائسي
رجالاً وأكفاء وأدت بناتي

[عدل] وفاته
توفي حافظ إبراهيم سنة 1932 م في الساعة الخامسة من صباح يوم الخميس، وكان قد أستدعى 2 من أصحابه لتناول العشاء ولم يشاركهما لمرض أحس به. وبعد مغادرتهما شعر بوطئ المرض فنادى غلامه الذى أسرع لإستدعاء الطبيب وعندما عاد كان حافظ في النزع الاخير، توفى رحمه الله ودفن في مقابر السيدة نفيسة (ا).
وعندما توفى حافظ كان أحمد شوقى يصطاف في الإسكندرية و بعدما بلّغه سكرتيره – أى سكرتير شوقى - بنبأ وفاة حافظ بعد ثلاث أيام لرغبة سكرتيره في إبعاد الأخبار السيئة عن شوقي ولعلمه بمدى قرب مكانة حافظ منه، شرد شوقي لحظات ثم رفع رأسه وقال أول بيت من مرثيته لحافظ:
قد كنت أوثر أن تقول رثائي
يا منصف الموتى من الأحياء

[عدل] آثاره الادبية
الديوان.
البؤساء: ترجمة عن فكتور هوغو.
ليالي سطيح في النقد الاجتماعي.
في التربية الاولية. ( معرب عن الفرنسية)
الموجز في علم الاقتصاد. ( بالإشتراك مع خليل مطران )

[عدل]